فمن المنقول على الملل، والمشهور في الأواخر والأوائل، أن البدع والمناكر إذا فشت في قوم أحاط بهم سوء كسبهم، وأظلم مابينهم وبين ربهم، وانقطعت عنهم الرحمات، ووقعت فيهم المثلات، وشحت السماء وسبحت النقماء، وغيض الماء، واستولت الأعداء، وانتشر الداء، وجفت الضروع، ونقصت بركة الزروع، لأن سوء الأدب مع الله يفتح أبواب الشدائد، ويسد طريق الفوائد، والأدب مع الله ثلاثة:
١ - حفظ الحرمة بالاستسلام والاتباع.
٢ - رعاية السنة من غير إخلال ولا ابتداع.
٣ - مراعاتها في الضيق والاتساع, لاما يفعله اليوم هؤلاء الفقراء، فكل ذلك كذب على الله وافتراء, {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ}[آل عمران:٣١] الآية.
عن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلام موعظة ذرفت منها العيون, ووجلت منها القلوب, فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فما تعهد إلينا, فقال: أوصنا, قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة لمن وليكم وإن كان عبدا حبشيا فإنه من يعش بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ, وإياكم ومحدثات الأمور, فإن كل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة (١).