يدخلون في الكلام، بل يتقنون الفقه والحديث أو العربية، ولا يخوضون في المعقولات، وعلى ذلك كان الأصيلي، وأبو الوليد بن الفرضي، وأبو عمر الطلمنكي، ومكي القيسي، وأبو عمرو الداني، وأبو عمر بن عبد البر، والعلماء" (١). انتهى.
وأبو ذر الهروي المالكي مع كونه معروفا بالميل إلى المذهب الأشعري إلا أنه كثير الانتصار لعقائد السلف في أمور كثيرة.
قال الذهبي في السير (١٧/ ٥٥٨) في ترجمته: وقد ألف كتابا سماه الإبانة ويقول فيه: فإن قيل فما الدليل على أن لله وجها ويدا؟ قال: قوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} وقوله: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}. فأثبت تعالى لنفسه وجها ويدا. إلى أن قال: فإن قيل: فهل تقولون إنه في كل مكان؟ قيل: معاذ الله، بل هو مستو على عرشه، كما أخبر في كتابه. إلى أن قال: وصفات ذاته التي لم يزل ولا يزال موصوفا بها: الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والوجه واليدان والعينان والغضب والرضى. فهذا نص كلامه. وقال نحوه في كتاب التمهيد له، وفي كتاب الذب عن الأشعري. وقال: قد بينا دين الأمة وأهل السنة أن هذه الصفات تمر كما جاءت بغير تكييف ولا تحديد ولا تجنيس ولا تصوير.
قلت (أي الذهبي): فهذا المنهج هو طريقة السلف وهو الذي أوضحه أبو الحسن وأصحابه، وهو التسليم لنصوص الكتاب والسنة، وبه قال ابن
(١) انظر موقف ابن تيمية من الأشاعرة (٢/ ٥٠٣)، وأحال على التطور المذهبي بالمغرب (٢٥ - ٣٠).