الباقلاني وابن فورك والكبار إلى زمن أبي المعالي، ثم زمن الشيخ أبي حامد، فوقع اختلاف وألوان، نسأل الله العفو. انتهى.
ومن أشهر المالكية معارضة لمذاهب الأشاعرة: الحافظ الكبير والإمام بدون منازع: أبو عمر بن عبد البر، وكلامه في إثبات الصفات التي ينفيها الأشعرية مشهور (١)، اقتصر منه على نقل واحد، قال رحمه الله في كتاب التمهيد (٧/ ١٤٥): أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة. اهـ
وهذا الاعتقاد الذي نقله ابن عبد البر يخالف عقائد الأشعرية جملة وتفصيلا، فقد اتفق جميع الأشعرية على حمل نصوص الصفات على المجاز لا على الحقيقة، إلا صفات سبع، يؤول أمرها عند التحقيق إلى المجاز كذلك، بل عند كثير منهم مَن حمل نصوص الصفات على الحقيقة كفر، وقال آخرون: فسق فقط.
وقال ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (١/ ١١٧): حدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن ثنا إبراهيم بن بكر، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد بن إسحاق بن خويزمنداد المصري المالكي في كتاب الإجارات من كتابه في الخلاف: قال مالك: لا تجوز الإجارات في شيء من كتب أهل الأهواء والبدع والتنجيم، وذكر كتبا ثم قال: وكتب أهل الأهواء والبدع عند
(١) وانظر في تفصيل ذلك: "فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد البر" للشيخ محمد المغراوي.