للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القرطبي في تفسيره (٥/ ٣٧٦): قوله تعالى: {بِمَا أَرَاكَ الله} معناه على قوانين الشرع، إما بوحي ونص، أو بنظر جار على سنن الوحي.

وقال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} النساء ٦٥.

قال ابن كثير في تفسيره (٢/ ٣٤٩ - دار طيبة): وقوله: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة: أنه لا يؤمن أحد حتى يُحَكم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطنا وظاهرا. ولهذا قال: {ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} أي: إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجا مما حكمت به، وينقادون له في الظاهر والباطن فيسلمون لذلك تسليما كليا من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة، كما ورد في الحديث: «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به» (١).

لما ترك السلطان العلوي عبد العزيز جهاد المستعمر الفرنسي لما احتل الدار البيضاء ووجدة خلعه علماء فاس وغيرهم فكان من جوابهم في هذه الحادثة ما يلي: قال القاضي أبو القاسم ابن سلمون الغرناطي: الإمامة عبارة عن


(١) رواه ابن أبي عاصم في السنة (١٥) وغيره. وفي سنده نعيم بن حماد مختلف فيه وخرج له البخاري ووثقه أبو حاتم وأحمد بن حنبل وابن معين في أكثر النقول عنه والعجلي وابن حبان. وضعفه النسائي وأبو عروبة الحراني وغيرهما. وأما نقل الدولابي اتهامه بالوضع فلا يقبل لأنه نقله عن مجهول. وهو مذكور بالتعصب فلا يقبل قوله فيه. وكذا ما نقله الأزدي عن مجهولين، والأزدي متكلم فيه.
ولعله لهذا صحح الحديث النووي وغيره. وخرجه الحافظ أبو نعيم في كتاب «الأربعين» وشرط في أوله أن تكون الأحاديث التي يخرجها من صحاح الأخبار. والله أعلم.

<<  <   >  >>