الله يقولون إن الولد الحدث إذا وصل إلى حد البلوغ والبنت البكر إذا بلغت سن العشرين مثلا يفعلان بأنفسهما ما شاءا، ولا كلام للوالدين فضلا عن الأقارب، فضلا عن الحاكم، ونحن نعلم أن الأب يسخطه ما يرى من ولده أو بنته من الأمور التي تهتك المروءة وتزري بالعرض سيما إذا كان من ذوي البيوتات. فارتكاب ذلك على عينه مع منعه من الكلام فيه موجب للعقوق ومسقط لحقه من البرور. وأما إسقاطها لحقوق الإنسانية فإن الله تعالى لما خلق الإنسان كرمه وشرفه بالعقل الذي يعقله عن الوقوع في الرذائل ويبعثه على الاتصاف بالفضائل وبذلك تميز عما عداه من الحيوان. وضابط الحرية عندهم لا يوجب مراعاة هذه الأمور بل يبيح للإنسان أن يتعاطى ما ينفر عنه الطبع وتأباه الغريزة الإنسانية من التظاهر بالفحش والزنى وغير ذلك إن شاء، لأنه مالك أمر نفسه، فلا يلزم أن يتقيد بقيد. ولا فرق بينه وبين البهيمة المرسلة إلا في شيء واحد هو إعطاء الحق لإنسان آخر مثله فلا يجوز له أن يظلمه وما عدا ذلك فلا سبيل لأحد على إلزامه إياه. وهذا واضح البطلان، لأن الله تعالى حكيم وما ميز الإنسان بالعقل إلا ليحمِّله هذه التكاليف الشرعية من معرفة خالقه وبارئه والخضوع له لتكون له بها المنزلة عند الله في العقبى {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الأحزاب ٧٢ الآية.
واعلم أن الحرية الشرعية هي التي ذكرها الله في كتابه وبينها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته وحررها الفقهاء - رضي الله عنهم - في باب الحجر من كتبهم فراجع ذلك وتفهمه ترشد، وبالله التوفيق. انتهى (١).
فالحرية يجب أن تضبط بضوابط الشريعة، والحرية المطلقة بمفهومها الغربي من وضع الزنادقة كما قال هذا العلامة المغربي.