للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به. فافهم ذلك واعتبره فيما نورده عليك، من بعد. والله الحكيم العليم. انتهى.

تضمن كلام ابن خلدون التنصيص على أمور هامة نجملها في النقاط التالية:

- إن السياسة العقلية -أو لنقل العلمانية- هَمُّها المصلحة الدنيوية المحضة.

- في حين الخلافة الشرعية تجمع بين المصالح الدنيوية والأخروية، لأن الشارع أعلم بمصالح الكافة فيما هو مغيب عنهم من أمور دنياهم وآخرتهم.

- مقتضى الشرائع حمل الكافة على الأحكام الشرعية في أحوال دنياهم وآخرتهم. وكان هذا الحكم لأهل الشريعة وهم الأنبياء ومن قام فيه مقامهم وهم الخلفاء.

فاتضح أن السياسة ركن أصيل من الدين الإسلامي. ولا قوام للدين إلا بسياسة شرعية رشيدة.

وقد ظل المزج بينهما جزءا لا يتجزأ من تاريخنا المغربي حتى بداية القرن العشرين، لما جاء الاستعمار وفرض حمايته على المغرب، وحاول نسخ أحكام الشريعة التي ظلت تحكم لقرون وأبدلها بقوانينه وتشريعاته الخاصة. فمتى وكيف حدث ذلك؟ ذلك ما سنحاول الإجابة عليه في الفقرات التالية.

<<  <   >  >>