للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول:

" لِكُلِّ شَيْءٍ صِقَالَةً، وإِنَّ صِقَالَةَ الْقُلُوْبِ ذِكْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَمَا مِنْ شَيْءٍ أَنْجَىْ مِنْ عَذَابِ اللهِ مِنْ ذِكْرِ اللهِ " قالوا: وَلا الْجِهَادَ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ؟ قال:" وَلا الْجِهَادَ إِلا أَنْ يَضْرِبَ بِسَيْفِهِ حَتَّىْ يَنْقَطِعَ" (١). ويذكر ابن القيم أن في القلب قسوة لايذيبها إلا ذكر الله تعالى، فقد ذكر حماد بن زيد عن المعلى بن زياد أن رجلاً قال للحسن: يا أبا سعيد، أشكو إليك قسوة قلبي. قال: أذبه بالذكر.

والذكر أصل موالاة الله عز وجل ورأسها، والغفلة أصل معاداته ورأسها، فإن العبد لايزال يذكر ربه عز وجل حتى يحبه فيواليه، ولا يزال يغفل عنه حتى يبغضه فيعاديه. (٢)

فكأن العلم الشرعي قديماً كان يركّز على تقديم العمل عن التفكّر في فوائده وآثاره، وذلك لكثرة التصاقهم بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وحبهم الشديد للاقتداء به، أما في عصرنا الحديث فقد قست القلوب وشردت عن الحبيب الحقيقي، وثقلت بالارتباط الأرضي المادي عن السباحة في الملكوت العلوي والاتصال بالمصدر الأصيل للسعادة


(١) الدعوات الكبير الحديث: ١٨.
(٢) انظر كتاب: الوابل الصيب من الكلم الطيب. للإمام ابن قيم الجوزية. ص ٦٦.

<<  <   >  >>