الضراعة إلى الله تعالى من أسباب كشف الغمة وتفريج الكربة؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٤٣)} [الأنعام: ٤٢، ٤٣]، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (٩٤)} [الأعراف: ٩٤].
وعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بقوم مبتلَيْنَ، فقال:"أما كان هؤلاء يسألون العافية؟! "(١).
وكان الحسن البصريّ يقول: "إن الحجاج عذابُ الله، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم، ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع، فإن الله تعالى يقول: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (٧٦)} [المؤمنون: ٧٦].
وعند الفتن تطيش العقول، وتحتار النفوس فلا تدري ماذا تعمل؟ وفي هذا الموقف يغفل كثير من الناس عن سلاح عظيم كان عُدَّةً للأنبياء والصالحين على مر الزمان، ألا وهو الدعاء، قال تعالى عن نبيه نوح: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (١١)} [القمر: ١٠، ١١] وقال عن نبيه ذي النون: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧)} [الأنبياء: ٨٧].
(١) أخرجه البزار في "مسنده" (٣١٣٤ - كشف الأستار)، وصححه الألباني في "الصحيحة" رقم (٢١٩٧).