كتاب بصائر في الفتن

من طبائع الفتن - ص: 15

والنُّوَّار: الزهر؛ ويقال: عَقَد الزهرُ: إذا تضامَّتْ أجزاؤه فصار ثمرًا.

ومعنى كلام ابن حزم أن للفتنة مظهرًا خادعًا في مبدئه، حتى يستحسن الناسُ صورتَها، ويعقدوا الآمال عليها، ولكن سُرعان ما تموت وتتلاشى، مثل الزهرة التي تموت قبل أن تتفتح، وتُعطيَ ثمرتها.

* والفتن، تذهب بعقول الرجال، وتستخفهم ببُداءاتها:

عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: "أخاف عليكم فتنًا كأنها الدخان، يموت فيها قلبُ الرجل، كما يموت بدنه" (١).

وعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تكون فتنة تعرجُ فيها عقولُ الرجال، حتى ما تكاد ترى رجلًا عاقلًا" (٢).

وعنه - رضي الله عنه - قال: "ما الخمر صِرفًا بأذهب بعقول الرجال من الفتنة" (٣).

وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن بين يدي الساعة الهَرْجَ" قالوا: وما الهرجُ؟ قال: "القتل، إنه ليس بقتلكم المشركين، ولكن قتلُ بعضِكم بعضًا، حتى يقتل الرجل جاره، ويقتل أخاه، ويقتلَ عمَّه، ويقتلَ ابنَ عمه" قالوا: ومعنا

---

(١) رواه نعيم بن حماد في "الفتن" (١/ ٦٥)، رقم (١١٧).
(٢) رواه نعيم في "الفتن" (١/ ٦٢) رقم (١٠٧)، وصححه الهندي في "كنز العمال" (١١/ ١٧٩) رقم (٣١١٢٦).
(٣) رواه أبو نعيم في "الحلية" (١/ ٢٧٤)، والصِّرف: غير الممزوج بغيره.