للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأصاب بعضُهم أعلاها، و [أصاب] بعضُهم أسفلَها [وأوعرَها]، فكان الذي (وفي رواية: الذين) في أسفلها إذا استقوا من الماء فمروا على من فوقهم، [فتأذوا به] (وفي رواية: فكان الذين في أسفلها يصعدون فيستقون الماء، فيصبون على الذين في أعلاها، فقال الذين في أعلاها: لا ندعكم تصعدون فتوذوننا). فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا [فاستقينا منه] ولم نؤذِ مَن فوقنا (وفي رواية: ولم نمرَّ على أصحابنا فنؤذيهم)، [فأخذ (١) فأسًا، فجعل يَنْقُرُ أسفلَ السفينة، فأتوه فقالوا: ما لك؟ قال: تأذيتم بي، ولا بُدَّ لي من الماء]، فإن تركوهم وما أرادوا؛ هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم؛ نجوا، وأنجوا جميعًا" (٢).

وكان النعمان بن بشير - رضي الله عنهما- إذا سرد هذه الحديث يقول قبله: "يا أيها الناس، خذوا على أيدي سفهائكم فإذا سرده عاد فقال: "خذوا على أيدي سفهائكم قبل أن تهلكوا" (٣).

"ولقد صدق الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - وصدق النعمان - رضي الله عنه - فكم من مخلصٍ جاهل يسلك سبيل صاحب الفأس هذا في سفينة الدعوة؟

ذاك حمل فأسًا، وصاحبنا يحمل اللسان.


(١) أي: أحدُهم.
(٢) رواه البخاري (٥/ ١٣٢ - فتح)، والترمذي (رقم: ٢١٧٣)، والأمام أحمد (٤/ ٢٦٨، ٢٦٩، ٢٧٠)، واللفظ من "السلسلة الصحيحة" رقم (٦٩).
(٣) "الزهد" لابن المبارك ص (٤٧٥).

<<  <   >  >>