للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهاتان الكلمتان هما جماع الفلاح، وما أُتي العبدُ إلا من تضييعهما أو تضييع أحدهما، فما أُتي أحد إلا من باب العجلة والطيش، واستفزاز البداءات له، أو من باب التهاون والتماوت، وتضييع الفرصة بعد مُواتَاتها (١)، فإذا حصل الثبات أولًا، والعزيمة ثانيًا أفلح كل الفلاح، والله ولي التوفيق" (٢). اهـ.

والواقعة التالية تجسِّد لك سلوكَ الذي تستخفه بُداءاتُ الأمور، وتستفزه أوائلها، وسلوكَ الحليم الواثق الذي يصدر عن علم وبصيرة، وحزم وعزم:

فقد قال يُسَيْرُ بن جابر: "هاجت ريح حمراء بالكوفة، فجاء رجل ليس له هِجِّيرَى (٣) إلا: يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة، قال: فقعد، وكان متكئًا، فقال: إن الساعة لا تقوم حتى لا يُقْسَمَ ميراثٌ، ولا يُفْرَحَ بغنيمة، ثم قال بيده هكذا (ونحاها نحو الشام) فقال: عدوٌ يجمعون لأهل الإِسلام، ويجمع لهم أهلُ الإِسلام" الحديث (٤)


(١) وفي هذا يقول الأعشى:
وربما فات قومًا جُلُّ أمرهمُ ... من التأني، وكان الحزمُ لو عجلوا
(٢) "مفتاح دار السعادة"، ص (١٦٩، ١٧٠)، ط. دار الحديث، القاهرة ١٤١٤ هـ.
(٣) له "هِجِّيرَى": أي شأنه ودأبه ذلك.
(٤) رواه مسلم، رقم (٢٨٩٩).

<<  <   >  >>