للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولتجدنَّ أشدَّ الناس حِدَّة في الطبع، وإعجابًا بالنفس، وتعصبًا للرأي؛ هم أولئك الذين لا يتثبتون ولا يتبيَّنون، فيغلب عليهم الصَّلَف والكِبْر، وعدمُ مراعاة الناس، والجميع عندهم جَهلة لا يعلمون، وهم العارفون العالمون.

إن حملَ المسلمين على العدالة هو الأصل الذي لا ينبغي العدول عنه إلاَّ بمثله من اليقين، أما بمجرد قُوْلٍ قيل لا يُدرى من أي رأس خرج ولا على أي أرض درج؛ فجريمة يُسأل صاحبها عنها، مفضية إلى الندامة في الدنيا قبل الآخرة.

وعليه؛ فإن من أعظم ما تُدفع به الفتن: التثبت والتبيُّن في الأخبار، لا سيما إذا كان الخبر متعلقًا بعموم الأمة، أوبرأس من رءوسها، وليعلم أن مجرد الثقة في الناقل لا تكفي بمفردها؛ وذلك لما يعتري النفوسَ من الهوى والشهوة ونفث الشيطان.

ثم لو فرض صحة الخبر يقينًا، فإنه يبقى بعد ذلك النظر في مصلحة نشره من عدمها، فإنه ليس كل ما يعلم يقال، وإن من الأخبار ما لا يُلقى إلاَّ إلى الخاصة الذين يُصلحون في الأرض ولا يفسدون.

وليعلم -أيضًا- أن هتكَ الأستار، ليس من الإصلاح في شيء؛ إذ إن الله تعالى أمر بالستر والنصح، وأَمْرُه سبحانه هو الصلاح والإصلاح بعينه، فما خالفه فليس من الإصلاح في شيء كما قلنا.

إن المنهج الحق: هو التناصح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع شفقة على المنصوح وحزن عليه يقتضي تمام السعي في

<<  <   >  >>