للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وعن خالد بيت الوليد - رضي الله عنه - قال: كتب إليَّ أمير المؤمنين حين ألقى الشامُ بَوانِيَهُ (١) بَثْنِيَّةً (٢) وعَسَلًا، فأمرني أن أسير إلى الهند، والهند في أنفسنا يومئذٍ البصرة، قال: وأنا لذلك كاره، قال: فقام رجل فقال لي: يا أبا سليمان، اتق الله، فإن الفتن قد ظهرت، قال: فقال: "وابن الخطاب حي؟! إنما تكون بعده، والناس بذي بِلِيَّان (٣)، أو بذي بليان بمكان كذا وكذا، فينظر الرجل فيتفكر: هل يجد مكانًا لم ينزل به مثلُ ما نزل بمكانه الذي هو فيه من الفتنة والشر؟ فلا يجده"، قال: "وتلك الأيام التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بين يدي الساعة الهَرْج"، فنعوذ بالله أن تدركنا وإياكم تلك الأيام" (٤).

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ" (٥).


(١) بوانيه: خيره وما فيه من السَّعة والنعمة.
(٢) البثنية: قيل: الزبدة. أي: صارت كأنها زبدة وعسل؛ لأنها صارت تُجبى أموالُها من غير تعب.
(٣) المراد: إذا كانوا طوائف وفِرقًا من غير إمام، وكل من بعد عنك حتى لا تعرف موضعه فهو بذي بِلِيِّ، وهو من: بَلِّى في الأرض إذا ذهب، وأراد ضياع أمور الناس بعده.
(٤) أخرجه الإِمام أحمد (٤/ ٩٠)، والطبراني في "الكبير" رقم (٣٨٤١) (٤/ ١١٦)، قال الألباني: "بسند حسن في المتابعات والشواهد" اهـ. من "الصحيحة" (٤/ ٢٤٩) حديث رقم (١٦٨٢).
(٥) رواه البخاريّ في "صحيحه" رقم (٦٦٧٧) باب: مِن الدِّين الفِرار من الفتن.

<<  <   >  >>