للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مسعود، وابن عمر، وعمار بن ياسر - رضي الله عنهم- فذكروا الفتنة، فقال سعد: "أما أنا، فأجلس في بيتي، ولا أدخل فيها" (١).

وعن عامر بن سعد أن أباه سعدًا - رضي الله عنه - كان في غنمٍ له، فجاء ابنُه عمر، فلما رآه قال: "أعوذ بالله من شرِّ هذا الراكب"، فلما انتهى إليه، قال: يا أبة! أرضيتَ أن تكون أعرابيًّا في غنمك، والناس يتنازعون في المُلك بالمدينة؟ فضرب صدرَ عمر، وقال: اسكت، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله عز وجل يحب العبد التقيَّ الغنيَّ الخفيَّ" (٢).

وعن ابنِ سيرين، قال: قيل لسعد بن أبي وقاص: "ألا تقاتل، فإنك من أهل الشورى، وأنت أحق بهذا الأمر من غيرك؟ " فقال: "لا أقاتل حتى تأتوني بسيفٍ له عينان ولسان وشفتان، يعرف المؤمن من الكافر، إن ضربتُ به مسلمًا نبا عنه (٣)، وإن ضربتُ به كافرًا قتله، فقد جاهدتُ وأنا أعرف الجهاد"، وضَرَب لهم مثَلًا، فَقَالَ: "مثلُنا ومَثلكم كمثلِ قوم كانوا عَلى محجةٍ بيضاء، فبينا هم كذلك يسيرون هاجتْ ريحٌ عَجَّاجة (٤) فَضَلُّوا الطريقَ، والتبس عليهم، فقال بعضهم: (الطريق ذات اليمين)، فأخذوا فيها، فتاهوا، وضلوا، وقال آخرون: (الطريق ذات الشمال)،


(١) "حلية الأولياء" (١/ ٩٤).
(٢) أخرجه الإِمام أحمد (١/ ١٦٨)، ومسلم رقم (٢٩٦٥).
(٣) نبا عنه: أعرض عنه، ونَفَر، ولم يُصِبْه.
(٤) عجَّت الريح: اشتد هبوبها، وأثارت العَجاج؛ أي: الغُبار.

<<  <   >  >>