الحرمان , ولو ذقت لما ابتعدت .. تعال إلى الله واعكف على القرآن لتصنع , وإلا فما أبعد الدواء عن تلك الأدواء.
قال - تعالى - " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا "
(الرعد: ٣١) كان المشركون يطلبون من رسول الله صلى الله عليه وسلم آيات حسية: تسيير الجبال أو تقطيع الأرض أو تكليم الموتى , فأنزل الله هذا القرآن ليس من شأنه ذلك بل أعظم من ذلك وهو صياغة النفوس , وصناعة القلوب , وإيجاد الإنسان الذى يرضاه الله له عبدا.
لقد تربى الصحابة - رضوان الله عليهم - أفضل جيل عرفه التاريخ على يد أعظم مرب عرفته البشرية .. تربوا بالقرآن , فكان منهم ما تسمع وتقرأ .. إيمان وثبات تزول دونه الجبال ..
وهاك مثالا واحدا منهم: عبّاد بن بشر .. صديق القرآن .. يقول الكتور عبدالرحمن رأفت باشا - رحمه الله تعالى -: " إن نشدته بين العبّاد وجدته التقى النقى قوّام الليل بأجزاء القرآن , وإن طلبته بين الأبطال ألفيته الكمى الحمى خوّاض المعارك لإعلاء كلمة الله , وإن بحثت عنه بين الولاة رأيته القوى المؤتمن على أموال المسلمين.
وقد استمع عبّاد بن بشر إلى مصعب بن عمير حين أتى المدينة وهو يرتل القرآن بصوته الفضى الدافىء ونبرته الشّجية الآسرة , فشغف ابن بشر بكلام الله حبّا , وأفسح له فى سويداء قلبه مكانا رحبا , وجعله شغله