الرب بالأفعال الاختيارية هو تنقص لكماله شرعاً وعقلاً. بل التزمت كل طائفة لوازم باطلة كالقول بأنه موجب بالذات لا فاعل بالاختيار كما ذهبت المتفلسفة. أو القول بان الفعل هو عين المفعول وأن صفاته تعالى ومنها كلامه مخلوقات منفصلة عنه كما هو مذهب غلاة النفاة من الجهمية والمعتزلة، أو أنها قديمة لازمة لذاته لا تجدد فيها ولا تعلق لها بإرادته ومشيئته كما هو مذهب الأشعرية ومن وافقهم.
وهكذا نجد أن الطريق الذي بدأ من قضية واحدة وفرض خطأ وهو أن هذا العالم مسبوق بالعدم المطلق واستخدم ذاك البرهان المزعوم تشعب إلى متاهات لا قرار لها، فأصبحت هذه القضية ملتقى جملة من الأصول العقدية الكبرى التي تضاربت فيها الآراء قديماً وحديثاً - وكل قضية منها آخذة بعنق أختها فالحديث عن واحدة منها مستلزم الحديث عن الأخريات - وهي: -
(١) حدوث العالم وطريقة الاستدلال عليه وهل هو مخلوق بالإرادة والفعل الاختياري أم بطريقة الفيض والصدور واستلزام العلة للمعلول الخ.
(٢) الحوادث وهل لها أول او لا أول لها وعلاقة ذلك بما بعده وهو:
(٣) قيام الأفعال الاختيارية بالله تعالى.
(٤) إثبات النبوة والطريق الحق إلى ذلك.
(٥) مفهوم التوحيد أو التنزيه عند طوائف الأمة وغيرهم.
فالموضوع إذن على جانب عظيم من الأهمية ولابد لمن أراد الانتصار للحق من أمور: -
(١) ... أن يرفض تلك السلسلة العقلية المزعومة من أصلها برفض أن يكون