فإذا قيل: إن هذا اليوم طويل، لم يلزم أن يكون جزؤه طويلاً وكذلك إذا قيل: هذا الشخص أو الجسم طويل أو ممتد، أو قيل: إن هذه الصلاة طويلة، أو قيل [إن] هذا النعيم دائم؛ لم يلزم أن يكون كل جزء منه دائماً.
قال الله تعالى {أكلها دائم وظلها}[سورة الرعد: ٣٥] ، وليس كل جزء من أجزاء الأكل دائماً، وكذلك في الحديث الصحيح قوله - صلى الله عليه وسلم -: " أحب العمل إلى الله أدومه " وقول عائشة [رضي الله عنها] : وكان عمله ديمة فإذا كان عمل المرء دائماً، لم يلزم أن يكون كل جزء منه دائماً وكذلك إذا قيل: هذا المجموع عشر أوقية أو نش أو إستار، لم يلزم أن يكون كل جزء من أجزائه عُشر أوقية ولا نشا ولا إستارا، لأن المجموع حصل بانضمام الأجزاء بعضها إلى بعض، والاجتماع ليس موجوداً للأفراد.
وهذا بخلاف ما إذا قيل كل جزء من الأجزاء معدوم أو موجود أو ممكن أو واجب أو ممتنع، فإنه يجب في المجموع أن يكون معدوماً أو موجوداً أو ممكناً أو واجباً أو ممتنعاً، وكذلك إذا قلت: كل واحد من الزنج أسود، فإنه يجب أن يكون المجموع سوداً، لأن اقتران الموجود بالموجود لا يخرجه عن كونه موجوداً، واقتران المعدوم بالمعدوم لا يخرجه عن العدم، واقتران الممكن لذاته والممتنع لذاته بنظيره لا يخرجه عن كونه ممكناً لذاته وممتنعاً لذاته بخلاف ما لا يكون ممتنعاً لذاته إلا إذا انفرد وهو بالاقتران يصير ممكناً، كالعلم مع الحياة، فإنه وحده ممتنع ومع الحياة ممكن، وكذلك أحد الضدين هو وحده ممكن ومع الآخر ممتنع اجتماعهما، فالمتلازمان يمتنع انفراد أحدهما، والمتضادان يمتنع اجتماعهما.