وبهذا يتبين الفرق بين دوام الآثار الحادثة الفانية واتصالها، وبين وجود علل ومعلولات ممكنة لا نهاية لها. فإن من الناس من سوى بين القسمين في الامتناع، كما يقوله كثير من أهل الكلام، ومن الناس من توهم أن التأثير واحد في الإمكان والامتناع، ثم لم يتبين له امتناع علل ومعلولات لا تتناهى، وظن أن هذا موضع مشكل لا يقوم على امتناعه حجة، وإن لم يكتب قولاً لأحد، كما ذكر ذلك الآمدى في " رموز الكنوز " والأبهري [ومن اتبعهما]
والفرق بين النوعين حاصل، فإن الحادث المعين إذا ضم إلى الحادث المعين، حصل من الدوام والامتداد وبقاء النوع ما لم يكن حاصلاً للأفراد، فإذا كان المجموع طويلاً ومديداً ودائماً وكثيراً وعظيماً، لم يلزم أن يكون كل فرد طويلاً ومديداً ودائماً وكثيراً وعظيماً ا٠هـ. وانظر الصفدية ايضاً (١/٢٤-٢٧) .
وقال الرازي في المباحث المشرقية (١/٧٨١) :
أنه لا يلزم من ثبوت الأول لكل واحد ثُبوت الأول للكل إذ من الجائز أن يكون حكم الكل مخالفاً لحكم الآحاد لأن كل واحد من آحاد العشرة ليس بعشرة والكل عشرة. فكل واحد من الأجزاء ليس بكل مع أن كلها كل وكل واحد من الحوادث اليومية غير مستغرق لكل اليوم مع أن مجموعها مستغرق لكل اليوم. بل نقول إن الكل من حيث هو كل يستحيل أن يكون مساوياً لجزئه من حيث هو جزء وإلا لم يكن أحدهما كلاً والآخر جزءاً وأما المثال الواحد فلا يكفي لأنا لا ندعي أن حكم الجملة يجب أن يكون مساوياً لحكم الآحاد حتى يضرنا المثال الواحد بل نقول ذلك التساوي قد يكون وقد لا يكون والأمر فيه موقوف على البرهان.