للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالعقل البشري عاجز عن تصور اللانهاية لكنه يجب أن يتعامل معها باعتبارها حقيقة فلا يتكلف تصورها ولا يتعسف بنفيها.

٤- يمكن للعقل أن يتصور أنه ما من حادث إلا وقبله حادث كما يتصور أنه ما من حادث إلا وبعده حادث وما من عدد إلا وبعده عدد وهو يعلم أن كل حادث فله أول وكل منقضٍ فله آخر وكل عدد فله حد ومنتهى وإن لم يكن لجنس العدد حد ومنتهى (١) .

٥- أن يقال لمن يقول إن الله تعالى خلق شيئاً هو أول مخلوقاته بإطلاق أيجوز أن يخلق الله قبله شيئاً أو يمتنع؟ فإن قال يجوز فهذه هي المسألة فقد أجاز حوادث لا أول لها، وإن قال لا يجوز فقد قال بغير علم وعطل الباري عن صفاته وسقط في هوة التجهم.

فالمسألة مع كونها من محارات العقول سهلة على من وفقه الله لفهمها، وفيها من إثبات عظمة الله تعالى وسعة ملكه وقدم سلطانه ما تعجز العقول عن إدراكه.

والمقصود: أن هذه الأمور العظيمة والأصول الكبرى إنما جلاها وفصلها وتعمق في معقولها ومنقولها ونقد وقارن وفصل بين الطوائف المختلفة فيها في كلياتها وجزئياتها العالم الفرد والعلم الفذ شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - (٢) الذي


(١) درء تعارض العقل والنقل: ٩/١٤٣.
(٢) ولا عجب إذن أن نجدها في معظم مؤلفاته ما بين تطول واسهاب كما في درء التعارض ومنهاج السنة وإشارات مجملة كما في التسعينية والنبوات، وتوسط كما في فتاوى كثيرة أهمها شرح حديث عمران بن حصين. والمقصود أن قراء الشيخ قديماً وحديثاً =

<<  <   >  >>