للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

" ولكن فرق بين حدوث الشيء المعين، وحدوث الحوادث شيئاً بعد شيء "

أي فالأول هو الحادث بعد أن لم يكن، أما سلسلة الحوادث المتوالدة شيئاً بعد

شيء على حد تعبيره - فهي قديمة مستمرة (١) .

ومن تأمل الكلام الطويل الذي ساقه في الرد على ابن حزم في نقله الإجماع على أن الله خالق كل شيء، وأنه عز وجل كان وليس معه شيء ثم خلق الأشياء كما أراد، وقع على خلط وتخبط عجيبين في كلامه هذا. ولا تدري ما الذي أقحمه في هذه المخاضة الفلسفية التي يبرأ إلى الله منها السلف الصالح (٢) بعصورهم الثلاثة، شكلاً ومضموناً؛ وهو الذي ما زال يحذرنا من أضاليل الفلاسفة وابتداعاتهم ويوصينا بالوقوف عند نصوص الكتاب والسنة!

والعجب كل العجب أن نرى ابن تيمية الذي يسفه الفلسلفة والفلاسفة، ويشدّ أزره دوماً بانتمائه إلى السلف والسير على صراطهم، والبعد عن كل ما ترفعوا عن الخوض فيه، وقد أصابته من الفلاسفة لوثة وأي لوثة، وأصبح يدافع عن رأيهم (٣) في القول بقدم النوع الأساسي وحدوث الأعيان الجزئية.

ففي سبيل الدفاع عن رأيهم هذا، يعلن أنه لا إجماع على كفر من نازع في أن


(١) من الواضح ان البوطي يقول بأن حكم الواحد هو حكم المجموع وقد سبق ايضاح الفرق بينهما ص١٠١.
(٢) بل هو مذهب السلف وقد ذكرنا الأدلة على ذلك.
(٣) بل رأي الفلاسفة هو كون المخلوق مقارناً لله ولم يسبق من عدم، أما ابن تيمية فيقول بسبق كل مخلوق من عدم إلا ان أفعال الله قديمة وهذا لا يلزم منه قدم المخلوق بحيث يكون مع الله.

<<  <   >  >>