والداعي، أو أن الإرادة نفسها ترجح أحد المثلين على الآخر.
وبهذا الجواب أجابهم جمهور المعتزلة والأشعرية والكرامية، ومن وافق هؤلاء من أصحاب الأئمة الأربعة، وهو أحد جوابي الغزالي في تهافت الفلاسفة، وبه أجاب الآمدي، وغيره ".
ومعلوم أن صنيع هؤلاء متفق على امتناعه عند عامة العقلاء؛ إذ انتفاء ترجيح أحد طرفي الممكن بلا مرجح وبطلانه مما اتفق عليه العقلاء
ج - ... " وعدل آخرون إلى الإلزام، فقالوا: هذا يقتضي أن لا يحدث في العالم حادث والحس يكذبه "
وقد رد عليهم الفلاسفة بأن هذا الذي ذكرتموه إنما يلزم إذا كان التسلسل باطلاً، " وأنتم تقولون بإبطاله وأما نحن فلا نقول بإبطاله وإذا كان الحدوث موقوفاً على حوادث متجددة زال هذا المحذور "
فأعلمهم الفلاسفة أن هذا الجواب يكون ملزماً لهم لو كانوا يمنعون التسلسل مثلهم، ولكن لما كانوا يجيزون التسلسل، لم يكن هذا الجواب ملزماً لهم.
فهذه الشبهة - كما ذكر شيخ الإسلام - هي أقوى شبهة للفلاسفة والمتكلمون لم يستطيعوا الإجابة عليها بإجابات شافية؛ لذلك لم يستطيعوا التخلص من المأزق الذي أوقعهم فيه الفلاسفة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " وهذا قول أكثر المعتزلة والأشعرية وغيرهم؛ يقرون بالصانع المحدث من غير تجدد سبب حادث. ولهذا قامت عليهم الشناعات في هذا الموضع، وقال لهم الناس: هذا ينقض الأصل الذي أثبتم به الصانع؛ وهو أن الممكن لا يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا