للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بمرجح؛ فإذا كانت الأوقات متماثلة، والفاعل على حال واحدة لم يتجدد فيه شيء أزلاً وأبداً ثم اختص أحد الأوقات بالحدوث فيه، كان ذلك ترجيحاً بلا مرجح ".

وهذا مما يثبت تناقض أصحاب هذا الدليل في دليلهم، بل وفي مقدماته.

ففي إثبات الصانع جل وعلا: استدلوا بأن الممكن لا يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا بمرجح؛ فيفتقر إلى مرجح خارج عنه؛ وهو الواجب الوجود تبارك وتعالى الذي يرجح وجوده على عدمه فيخرجه من العدم إلى الوجود.

فأوجبوا وجود مرجح يرجح أحد طرفي الممكن على الآخر.

وهنا جوزوا ترجيح أحد طرفي الممكن بلا مرجح؛ فناقضوا أنفسهم بأنفسهم، ونقضوا بصنيعهم دليلهم الذي اثبتوا به الصانع جل وعلا.

أما عن موقف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من اعتراض الفلاسفة الأول، وإجابة المتكلمين عليه؛ فقد وجه نقداً للفلاسفة ونصيحة للمتكلمين.

أما نقده للفلاسفة، فهو قوله عنهم: "فهؤلاء الفلاسفة أنكروا على المتكلمين -نفاة الأفعال القائمة به- أنهم أثبتوا حدوث الحوادث بدون سبب حادث، مع كون الفاعل موصوفاً بصفات الكمال وهم أثبتوا حدوث الحوادث كلها بدون سبب حادث ولا ذات موصوفة بصفات الكمال بل حقيقة قولهم: أن الحوادث تحدث بدون محدث فاعل؛ إذ كان مصرحين بأن العلة التامة الأزلية يجب أن يقارنها معلولها؛ فلا يبقى للحوادث فاعل أصلاً لا هي ولا غيرها، فعلم أن قولهم أعظم تناقضاً من قول المعتزلة ونحوهم، وأن ما ذكروه من الحجة في قدم العالم هو على حدوثه أدل منه على قدمه باعتبار كل واحدة من مقدمتي حجتهم "

<<  <   >  >>