سوى الأول مفعول معلول له، فتحدث مقارنة كل ما سواه فلا يحدث في العالم حادث وهو خلاف المشاهدة والمعقول، وباطل باتفاق بني آدم كلهم، مخالف للحس والعقل.
وأيضاً إذا وجب في العلة يقارنها معلولها في الزمان فكل حادث يجب أن يحدث مع حدوثه حوادث مقترنة في الزمان، لا يسبق بعضها بعضاً ولا نهاية لها، وهذا قول بوجود علل لا نهاية لها؛ وهذا أيضاً باطل بصريح العقل واتفاق العقلاء؛ ولا فرق بين امتناع ذلك في ذات العلة أو شرط من شروطها؛ فكما يمتنع ان يحدث عند كل حادث ذات علل لا تتناهى في آن واحد؛ وكذلك شروط العلة وتمامها فإنها إحدى جزئي العلة؛ فلا يجوز وجود ما لا يتناهى في آن واحد لا في هذا الجزء ولا في هذا الجزء؛ وهذا متفق عليه بين الناس وأما النزاع في " وجود مالا يتناهى على سبيل التعاقب " فقد زال جزء حجتهم ليس هو ما قالوه؛ بل موجبه هو " القول الآخر " وهو: أن الفاعل لم يزل يفعل شيئاً بعد شيء، وحينئذ كل مفعول محدث كائن بعد ان لم يكن وهذا نقيض قولهم، بل هذا من أبلغ ما يحتج به على ما أخبرت به الرسل من أن الله خالق كل شيء؛ فإنه بهذا يثبت أنه لا قديم إلا الله، وانه كل ما سواه كائن بعد ان لم يكن سواء سمى عقلاً أو نفساً أو جسماً أو غير ذلك.
بخلاف دليل أهل الكلام المحدث على الحدوث؛ فإنهم قالوا: لو كان صحيحاً لم يدل إلا على حدوث الأجسام، ونحن أثبتنا موجودات غير العقول، و" أهل الكلام " لم يقيموا دليلاً على انتفائها، وقد وافقهم على ذلك المتأخرون: مثل الشهر ستاني، والرازي، والآمدي وادعوا أنه لا دليل للمتكلمين على نفي هذه