للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

و (الثاني) التسلسل في الآثار؛ مثل أن يقال: ان الله لم يزل متكلماً إذا شاء ويقال: ان كلمات الله لا نهاية لها فهذا التسلسل يجوزه أئمة أهل الملل، وأئمة الفلاسفة ولكن الفلاسفة (١) يدعون قدم الأفلاك. وإن حركات الفلك لا بداية لها ولا نهاية لها وهذا كفر مخالف لدين الرسل وهو باطل في صريح المعقول.

وكذلك القول: بأن الرب لم يكن يمكنه أن يتكلم ولا يفعل بمشيئته ثم صار يمكنه الكلام والفعل بمشيئته كما يقول ذلك الجهمية والقدرية. ومن وافقهم من أهل الكلام قول باطل. وهو الذي أوقع الاضطراب بين ملاحدة المتفلسفة

ومبتدعة أهل الكلام. في هذا الباب والكلام على هذه الأمور مبسوط في موضعه وهذه مطالب غالية. أنما يعرف قدرها من عرف مقالات الناس والاشكالات اللازمة على كل قول حتى أوقعت كثيراً من فحول النظار في بحور الشك والارتياب وهي مبسوطة في غير هذا الموضع.

ويقول في المجلد التاسع:

وكان أرسطو واتباعه يسمون " الرب " عقلاً وجوهراً، وهو عندهم لا يعلم شيئاً سوى نفسه ولا يريد شيئاً، ويسمونه " المبدأ " و " العلة الأولى " لأن الفلك عندهم متحرك للتشبه به أو متحرك للشبه بالعقل، فحاجة الفلك عندهم إلى العلة الأولى من جهة أنه متشبه بها كما يتشبه المؤتم بالإمام والتلميذ بالأستاذ وقد يقول: أنه يحركه كما يحرك المعشوق عاشقه، ليس عندهم أنه ابدع شيئاً


(١) ... هذا هو قول الفلاسفة الذين يزعمون ان الشيء غير مسبوق بالعدم وهو كفر كما قال شيخ الإسلام.

<<  <   >  >>