للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وسواء قيل إنه حدث عنه بوسط أو بغير وسط - كما يقولون: إن الفلك تولد عنه بوسط عقل أو عقلين، أو غير ذلك مما يقال - فإن كل قول يقتضي أن يكون شيء من العالم قديماً لازماً لذات الله فهو باطل، لأن ذلك يستلزم كون البارىء موجباً بالذات بحيث يقارنه موجبه، إذ لولا ذلك لما قارنه ذلك الشيء، ولو كان موجباً بالذات لم يتأخر عنه شيء من موجبه ومقتضاه، فكان يلزم أن لا يكون في العالم شيء محدث.

وقال في ص ٣٩٦:

ومما يستفاد بذلك: أنها برهان باهر على بطلان قول القائلين بقدم العالم أو شيء منه، وهو متضمن الجواب عن عمدتهم.

ومما يستفاد بذلك: الاستدلال على المطلوب من غير احتياج إلى الفرق بين الموجب بالذات والفاعل بالاختيار وذلك أن كثيراً من أهل النظر غلطوا في الفرق بين هذا وهذا، من المعتزلة والشيعة، وصار كثير من الناس كالرازي وأمثاله مضطربين في هذا المقام، فتارة يوافقون المعتزلة على الفرق وتارة يخالفونهم وإذا خالفوهم فهم مترددون بين أهل السنة وبين الفلاسفة أتباع أرسطو.

وأصل ذلك أنا نعلم أن القادر المختار يفعل بمشيئته وقدرته، لكن هل يجب وجود المفعول عند وجود الإرادة الجازمة والقدرة التامة أم لا؟ فمذهب الجمهور من أهل السنة المثبتين للقدر، وغيرهم من نفاة القدر، أنه يجب وجود المفعول عند وجود المقتضى التام، وهو الإرادة الجازمة والقدرة التامة وطائفة [أخرى] من مثبته القدر: الجهمية وموافقيهم، ومن نفاة القدر: المعتزلة

<<  <   >  >>