للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[وقدرته] ، والآخر ينافي كونه فاعلاً بمشيئته وقدرته؛ فمن قال: القادر لا يفعل إلا على وجه الجواز - كما يقوله من يقوله من القدرية والجهمية - يجعل الفعل بالاختيار منافياً للإيجاب، لا يجامعه بوجه من الوجوه ويقولون: إن القادر المختار لا يكون قادراً [مختاراً] إلا إذا فعل على وجه الجواز لا على وجه الوجوب.

والجمهور من أهل السنة وغيرهم يقولون: القادر هو الذي إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل، لكنه إذا شاء أن يفعل مع قدرته لزم وجود فعله، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فإنه قادر على ما يشاء، ومع القدرة التامة والمشيئة الجازمة يجب وجود الفعل.

ولهذا صارت الأقوال ثلاثة:

فالفلاسفة يقولون بالموجب بالذات المجردة عن الصفات، أو الموصوف بالصفات الذي يجب أن يقارنه موجبه المعين أزلا وأبداً

والقدرية من المعتزلة وغيرهم [من الجهمية، ومن وافقهم من غيرهم] يقولون بالفاعل المختار الذي يفعل على وجه الجواز لا على وجه الوجوب.

ثم منهم من يقول: يفعل لا بإرادة، بل المريد عندهم هو الفاعل العالم ومنهم من يقول بحدوث الإرادة وما يحدثه من إرادة أو فعل فهو يحدثه بمجرد القدرة، فإن القادر عندهم يرجح بلا مرجح ثم القدرية من هؤلاء يقولون: يريد ما لا يكون، ويكون ما لا يريد، وقد يشاء ما لا يكون، ويكون ما لا يشاء، [بخلاف المجبرة] والجمهور من أهل السنة وغيرهم المثبتين للقدر والصفات، يقولون إنه فاعل بالاختيار، وإذا شاء شيئاً كان، وإرادته وقدرته من لوازم

<<  <   >  >>