وإلحاده، فتكايس بمحاولة التوفيق بين الفلسفة التي تقول بقدم العالم ومقارنته الله في الزمان، وبين الدين الذي يجعله مخلوقاً حادثاً، بعد أن لم يكن، فزعم أن الله علة تامة لوجود العالم، والعلة التامة يجب أن يقارنها معلولها ولا يتخلف عنها،
وعلى هذا فيمكن القول بأن العالم أزلى مقارن لله في الزمان، كما تقول الفلسفة، ولكنه من جهة أخرى متأخر وممكن حادث بالذات أما كونه متأخراً فلأن المعلول قد استفاد الوجود من علته، ولا نعنى بالحدوث الذاتي إلا استفادة الوجود من الغير ومن العجيب أن ابن سينا مع قوله بقدم العالم يسمى الله خالقاً وفاعلاً ويسمى العالم مخلوقاً ومفعولا، فمتى خلق الله العالم على رأيه أو فعله إذا كان وجوده مقارناً لوجوده وكيف يمكن أن يكون الله خالقاً للعالم مع القول بأنه علة والخلق إنما يعتمد على القصد والاختيار، وأما العلة فيصدر عنها معلولها بالايجاب المنافي للاختيار، والعالم عنده كما هو أزلي مساوق لعلته في جانب الأزل، هو كذلك أبدى غير قابل للفناء لأن المعلول لعلة تامة يجب أن يبقي ببقاء علته.
وهكذا يظن ابن سينا أنه أفلح بهذا التمويه والمغالطة في لبس الأمر على المسلمين، ولكن الأذكياء من علماء هذه الأمة من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية استطاعوا كشف تلبيساته وفضح سرائره ونياته.
ومن العجب أيضاً أن يزعم هذا الرجل أنه يحاول الصلح والتوفيق بين طائفتين لا يعقل أن تهدأ بينهما الحرب أو أن يتم سلام، فهذه طائفة تؤمن بالوحي والقرآن وتعتصم بعرى الإسلام والإيمان وهذه طائفة كافرة تدين بما ضرطت به عقول فلاسفة اليونان مما كله أو أغلبه كفر وإلحاد وهذيان. فلا يمكن أن يوضع