العالم، ولكن لم يزل مؤثراً تاماً في شيء بعد شيء، وكل أثر يوجد عند حصول كمال التأثير فيه، والمقتضى لكمال التأثير فيه هو الذات عند حصول الشروط وارتفاع الموانع.
وهذا إنما يكون في الذات التي تقوم بها الأمور الاختيارية، وتفعل بالقدرة والمشيئة، بل وتتصف بما أخبرت به الرسل من أن الله يحب ويبغض، ةيرضى ويسخط ويكره ويفرح وغير ذلك مما نطق به الكتاب والسنة، فأما إذا لم يكن إلا حال واحدة أزلاً وأبداً، وقدر أن لها معلولاً، لزم أن يكون على حال واحدة أزلاً وأبداً.
وقال في (١/٣٧) :
وذلك أنه إذا كان المؤثر التام أزلياً لزم من دوامه دوام أثاره فيلزم أن لا يحدث
شيء، وهو خلاف الحس.
وقال في (١/٢٨١) :
وإذا قيل: ذاته تحدث شيئاً بعد شيء، فإنه لا يمكن احداث المحدثات جميعاً.
قيل: فهذا ينقض قولكم لأن من أحدث شيئاً بعد شيء لم يكن موجباً بذاته في الأزل لشيء، بل يكون كلما صدر عنه حادث وإن كانت أفعاله دائمة شيئاً بعد شيء فليس فيها واحد قديم، وكذلك مفعولاته بطريق الأولى) ، فإن المفعول تابع للفعل، فلا يكون في أفعاله ولا مفعولاته شيء قديم وإن كانت دائمة لم تَزُل، فإن دوام النوع وقدمه ليس مستلزماً قدم شيء من الأعيان، بل لك متناقض لقدم شيء منها، إذ لو كان فيها واحد قديم لكان ذلك الفعل المعين هو القديم، ولم تكن الأفعال المتوالية هي القديمة والشيء الذي من شأنه أن يكون متوالياً متعاقباً كالحركة والصوت يمتنع قدم شيء من أجزائه ودوام