للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الإسلام أراد بهذا أن يرد على الفلاسفة الذين قالوا إن الفعل المعين دائم مع الله قديم فألزموا بقدم العالم وقال في (٢/١٤٦) : ولا يمكن قدم شيء من العالم إلا بقدم فعل له معين، ولزوم ذلك الفعل لذات الرب كما تلزم الصفة وللموصوف.

وقال (٢/٩٦) :

(وهؤلاء القائلون بقدم العالم اشتبه عليهم نوع التأثير بعين التأثير، فلما رأوا أن الذات تستلزم كونه مؤثراً لامتناع حدوث ذلك، لم يميزوا بين النوع والعين، فظنوا أن هذا يقتضى قدم الأفلاك او غيرها من أعيان العالم وهذا خطأ قطعاً، فإن الذات تستلزم نوع التأثير لا عينه، فإذا قدر أنها لم تزل فاعلة لشيء بعد شيء، لم يكن شيء من مفعولاتها قديمة بل كل ما سواها حادث كائن بعد أن لم يكن وإن كان فعلها من لوازم ذاتها.

والذين قابلوا هؤلاء لما أرادوا أن يثبتوا حدوث كل ما سوى الله، ظنوا أن هذا يتضمن أنه كان معطلاً غير قادر على الفعل، وأن كونه محدثاً لا يصح إلا على هذا الوجه، فهؤلاء أثبتوا التعطيل عن نوع الفعل، وأولئك أثبتوا قدم عين الفعل، وليس لهم حجة تدل على ذلك قط، وإنما يدل على ما يذكرونه من الحجج على ثبوت النوع لا على ثبوت عين الفعل ولا عين المفعول، ولو كان يقتضي دليلهم الصحيح قدم عين الفعل والمفعول لامتنع حدوث شيء من الحوادث، وهو مخالف للمشهود.

وحينئذ فالذي هو من لوازم ذاته نوع الفعل لا فعل معين ولا مفعول معين، فلا يكون في العالم شيء قديم وحينئذ لا يكون في الأزل مؤثراً تاماً في شيء من

<<  <   >  >>