بالعدم مع دوان نوع المؤثرية والأثر، وإذن ما دل عليه دليل العقل لا يناقض ما دل عليه ذلك الدليل الآخر العقلي. ومن اهتدى في هذا الباب إلى الفرق بين النوع والعين تبين له فصل الخطأ من الصواب، في مسألة الأفعال ومسألة الكلام والخطاب.
واعلم أن أولى الألباب هم سلف الأمة وأئمتها المتبعون لما جاء به الكتاب بخلاف المختلفين في الكتاب، المخالفين للكتاب، الذين قيل فيهم:{وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد}[سورة البقرة: ١٧٦] .
وحينئذ فالرب تعالى أوجد كل حادث بعد أن لم يكن موجداً له، وكل ما سواه فهو حادث بعد أن لم يكن حادث: ولا يلزم من ذلك أن يكون نفس كماله الذي يستحقه متجدداً بل لم يزل عالماً قادراً مالكاً غفوراً متكلماً كما شاء، كما نطق بهذه الألفاظ ونحوها الامام أحمد وغيره من أئمة السلف.
فإن قال: ان نوع الفعل يجب أن يكون مسبوقاً بالعدم.
قيل له: من أين لك هذا، وليس في الكتاب والسنة ما يدل عليه، ولا في المعقول ما يرشد إليه؟ وهذا يستلزم أن يصير الرب قادراً على نوع الفعل بعد أن لم يكن قادراً عليه، فإنه ان لم يزل قادراً أمكن وجود المقدور، فإن كان المقدور ممتنعاً ثم صار ممكناً صار الرب قادراً بعد أن لم يكن، وانتقل الفعل من الامتناع إلى الامكان من غير حدوث شيء ولا تجدده، فإن الأزل ليس هو شيئاً معيناً، بل هو عبارة عن عدم الأولية، كما أن الأبد عبارة من عدم الآخرية، فما من وقت يقدر إلا والأزل قبله لا إلى غاية ا٠هـ.
وبهذا كله نعلم ان فصل الخطاب في المسألة هو الفرق بين العين والنوع، وشيخ