للزوم الفعل الذي به فعله فاعله كلزوم حياته، أو بدون فعل قائم به، فهذا مما لا يعقله الخلق بفطرتهم التي فطروا عليها.
وقال في (١/٦٣) :
وعلى هذا التقدير إذا قيل: لم يزل الله موصوفاً بصفات الكمال، حياً متكلماً
إذا شاء، فعالاً أفعالاً تقوم به أو مفعولات محدثة شيئاً بعد شيء أعطى هذا الدليل موجبه، ولم يلزم من دوام النوع دوام كل واحد من أعيانه وأشخاصه، ولا دوام شيء منها كما تقوله أنت في حركات الفلك والحوادث الأرضية، فإنك تقول: نوع الحوادث دائم باق لا أول له، فليس فيها شيء بعينه قديم، فهي كلها محدثة، وإن كانت الأحداث لم تزل وإذا قلت مثل هذا في فعل الواجب كنت قد وفيت بموجب هذا الدليل، ولم تخالف شيئاً من أدلة العقل ولا الشرع.
وإن قلت: بل اللازم دوام مطلق التأثير فيقال: ليس في هذا ما يقتضي قدم شيء من العالم، بل كونه فاعلاً للشيء يقتضي كون المفعول له مسبوقاً بالعدم ودوام كونه فاعلاً لا يناقض ذلك.
وحينئذ، فليس مع الفلسفي ما يوجب قدم شيء من العالم وأما قول المتكلم:" لما وجب في الفعل أن يكون مسبوقاً بالعدم لزم أن يقال: أنه أوجد بعد أن لم يكن موجداً "
فيقال له: أوجب في كل مفعول معين وكل فعل معين أن يكون مسبوقاً بالعدم، أم أوجب في نوع الفعل؟
فإن قلت بالأول فلا منافاة بين أن يكون كل من الأفعال والمفعولات مسبوقة