فمن قال: إن الرب لم يزل متكلماً إذا شاء وكيف شاء وبما شاء، كان الكلام عنده صفة ذات، قائم بذات الله، وهو يتكلم بفعله، وفعله بمشيئته وقدرته، فمقدار ذلك - إذا قيل بقدمه - كان وفاءً بموجب الحجة المقتضية لقدم نوع ذلك، من غير أن يكون شيء من العالم قديم مع الله تعالى.
وقال أيضاً: في (٢/١٤٩) :
وهذا الموضع من أحكمه انكشف له حجاب هذا الباب، فإن نفس كون الفاعل فاعلاً يقتضى حدوث الفعل: إما نوعاً وإما عيناً. وأما فعل ليس بحادث لا نوعه ولا عينه، بل هو لازم لذات الفاعل، فليس هو فعل أصلاً.
ولهذا كان نفس علم الخلق بأن الشيء مخلوق يوجب علمهم بأنه مسبوق بالعدم، إذ لا يعقل مخلوق مقارن لخالقه لازم له لم يزل معه.
ولهذا كان كلام الله الذي بعث به رسله موافقاً لما فطر الله عليه الخلائق.
وقال أيضاً في (٢/١٥٠) :
فإذا قيل: هذا مفعول لهذا، وهو معه لم يزل مقارناً له - كان هذا عند العقل جمعاً بين النقيضين وكأنه قيل: هو مفعول له ليس مفعولاً له. بل يقول العاقل: إذا كان الأمر كذلك لم يكن جعل أحدهما فاعلاً والآخر مفعولاً بأولى من العكس.
وقال أيضاً:(٢/١٦٠) :
وأما كون هذا المعين مفعولاً مخلوقاً مربوباً مفتقراً إلى بارئه، وأنه لازم لفاعله