فيمتنع أن يكون به شيء بعينه قديماً، لأن القديم لا يكون إلا بإيجاب قديم بعينه لا يتجدد شيئا بعد شيء.
وصار أصل التنازع في فعل الله: هل هو قديم، أو مخلوق أو حادث؟ من جنس أصل التنازع في كلام الله تعالى، وكثير من المتنازعين في كلامه وفعله وليس عندهم إلا قديم بعينه لم يزل أو حادث النوع له ابتداء، [فالأول] قول الفلاسفة القائلين بقدمه، والثاني: قول المتكلمين من الجهمية والمعتزلة.
والذي لا يدقق في كلام شيخ الإٍسلام فهم أنه يقول بالقدم بالمعنى الأول الذي هو عدم سبق العدم نوعاً وفرداً وهذا هو قول الفلاسفة الذي أنكره شيخ الإسلام حيث بين أن الفعل الدائم مع الله من غير تعاقب هو الذي أوقع الفلاسفة في قدم العالم ولهذا قال في (٢/١٤٦) :
وإذا لم يمكن فعله إلا مع فعل هذا وهذا، لا يكون شيء منه قديماً، فالآخر كذلك، لا يمكن قدم شيء من العالم إلا بقدم فعل له معين، ولزوم ذلك الفعل / لذات الرب كما تلزم الصفة للموصوف.
ومن المعلوم بصريح المعقول الفرق بين صفة الموصوف وبين فعل الفاعل. أما الصفة فيعقل كونها لازمة للموصوف: إما عينا كالحياة، وإما نوعاً كالكلام والإرادة، ويعقل كونها عارضة، لكن ذلك إنما يكون في المخلوق.
وأما الفعل فلا يعقل إلا حادثاً شيئاً بعد شيء، وإلا فمن لم يحدث شيئاً لا يُعقل أنه فعل ولا أبدع، سواء فعل بالإرادة أو قدر إنه فعل بلا إرادة. ولو كان الفعل لا يحدث لم يعقل الفرق بينه وبين الصفة اللازمة، إذ كلاهما معنى قائم بالذات لازم لها بعينه، وما كان كذلك لم يكن فعلاً لذلك الموصوف، ولا