هذه الحقائق إلى عقل طاليس وأرسطو وأفلاطون وغيرهم من خراصي الأزمان الغابرة، في حين أن علماء الكون من سلالة هؤلاء وجنسهم لا يعتدون لهم
برأي بل لا يذكرون آراءهم إلا على سبيل التمثيل للسذاجة العلمية والبدائية في التفكير، ولا يخدعنك وصف كبار المتكلمين لهم بأنهم جهابذة الحكماء أو هرامسة الدهور، فما أدخل الأمة في جحر الضب إلا هؤلاء وأشباههم
وعليه فحين يدافع شيخ الإسلام عن الحق في قضية دقيقة المنزع بعيدة الغور وهي قضية دوام الحوادث أزلاً وأبداً ويُعمل عقله الجبار وقلمه السيال فيها حتى يستنزف المجلدات وحتى ليكاد الجاهل يحسبه يتكلم بما لا يفهم ويخوض في محيط لا يقتحم فإنما يدافع عن النقل الصحيح والعقل الصريح معاً، وليس ترفاً من البحث كما قد يظن بعضهم! ولا ولوعاً بالحشو كما افترى أعداه! .
إنه يدافع عن المعرفة البشرية عامة لكي تظل حرة من قيود التقليد وأسر الجمود - دون مبالاة بقول من يقول إنه وافق الفلاسفة الدهرية أو شذ عن إجماع متكلمي الأمة!! - لأنها متى تحررت كانت قادرة على فهم الوحي وإنزاله منزلته فإما أن تؤمن به وإما أن تقوم الحجة الرسالية عليها، أما خلط حقائق الوحي بزبالات العقول الخراصة فإنه يزعزع إيمان المؤمنين ويكون فتنة للجاحدين وهذا - مع بالغ الأسى - ما فعله المتكلمون.
لقد أشرقت شمس الإسلام على العالم وهو يتخبط في ركام هائل من مخلفات الأمم الغابرة، ما بين أديان محرفة وفلسفات متناقضة وعبادات باطلة أهمها هنا الفلسفة اليونانية التي ورثت حثالة الفلسفات وأورثتها لمتفلسفي المسلمين، واشتهر لها مذهبان أو مدرستان: -
الأولى: الفلسفة التي تدعي أن وسيلة المعرفة الكشف والإيحاء، وتسمى