وفي ختام هذا المبحث أنقل ما قاله الإمام ابن القيم في كتابه شفاء العليل (٢/٤٤٦) حيث بين في هذا النص عدة مسائل منها: مسألة التكوين الذي قال به الحنفية وسيأتي أيضاً في المبحث الأخير من هذا الكتاب، ومنها التسلسل الواجب والممكن وهو المهم هنا فقال رحمه الله:
قال القدري: فالآن حمي الوطيس، فأنت والمسلمون وسائر الخلق تسمونه تعالى خالقاً ورازقاً ومميتاً، والخلق والرزق والموت قائم بالمخلوق والمرزوق والميت، إذ لو قام ذلك بالرب سبحانه فالخلق إما قديم وإما حادث، فإن كان قديماً لزم قدم المخلوق، لأنه نسبة بين الخالق والمخلوق، ويلزم من كونها قديمة قدم المصحح لها، وإن كان حادثاً لزم قيام الحوادث به وافتقر ذلك الخلق إلى خلق آخر ولزم التسلسل، فثبت أن الخلق غير قائم به سبحانه، وقد اشتق له منه اسم.
قال السني: أي لازم من هذه اللوازم التزمه المرء كان خيراً من أن ينفي صفة الخالقية عن الرب سبحانه، فإن حقيقة هذا القول أنه غير خالق، فإن إثبات خالق بلا خلق؛ إثبات اسم لا معنى له، وهو كإثبات سميع لا سمع له، وبصير لا بصر له، ومتكلم وقادر لا كلام له ولا قدرة، فتعطيل الرب سبحانه عن فعله القائم به كتعطيله عن صفاته القائمة به، والتعطيل أنواع:
تعطيل المصنوع عن الصانع، وهو تعطيل الدهرية والزنادقة.
وتعطيل الصانع عن صفات كماله ونعوت جلاله، وهو تعطيل الجهمية نفاة الصفات.
وتعطيله عن أفعاله وهو أيضاً تعطيل الجهمية وهم أساسه ودب فيمن عداهم من