الطوائف فقالوا: لا يقوم بذاته فعل، لأن الفعل حادث، وليس محلا للحوادث، كما قال إخوانهم: لا تقوم بذاته صفة، لأن الصفة عرض، وليس محلاً للأعراض، فلو التزم الملتزم أي قول التزمه كان خيراً من تعطيل صفات الرب وأفعاله، فالمشبهة ضلالهم وبدعتهم خير من المعطلة، ومعطلة الصفات خير من معطلة الذات، وإن كان التعطيلان متلازمين لاستحالة وجود ذات قائمة بنفسها لا توصف بصفة.
فوجود هذه محال في الذهن وفي الخارج، ومعطلة الأفعال خير من معطلة الصفات، فإن هؤلاء نفوا صفة الفعل، وإخوانهم نفوا صفات الذات.
وأهل السمع والعقل حزب الرسول والفرقة الناجية برأاء من تعطيل هؤلاء كلهم، فإنهم أثبتوا الذات والصفات والأفعال، وحقائق الأسماء الحسنى، إذ جعلها المعطلة مجازاً لا حقيقة له، فشر هذه الفرق لخيرها الفداء، والمقصود أنه أي قول التزمه الملتزم كان خيرا من نفي الخلق، وتعطيل هذه الصفة عن الله، وإذا عرض على العقل السليم مفعول لا فاعل له، أو مفعول لا فعل لفاعله لم يجد بين الأمرين فرقاً في الإحالة، فمفعول بلا فعل كمفعول بلا فاعل، لا فرق بينهما البتة، فليعرض العاقل على نفسه القول بتسلسل الحوادث، والقول بقيام الأفعال بذات الرب سبحانه، والقول بوجود مخلوق حادث عن خلق قديم قائم بذات الرب سبحانه والقول بوجود مفعول بلا فعل، ولينظر أي هذه الأقوال أبعد عن العقل والسمع، وأيها اقرب إليهما، ونحن نذكر أجوبة الطوائف عن هذا السؤال.
فقالت طائفة: نختار من هذا التقسيم والترديد كون الخلق والتكوين قديماً قائماً