[إليه أبلغ مما لزمهم فيما فروا] منه، فإنه يعقل كون الحادث ممكناً، ويعقل أن هذا الإمكان لم يزل. وأما كون الممتنع ممكناً، فهو ممتنع في نفسه، فكيف إذا قيل: لم يزل إمكان هذا الممتنع!
وأيضاً فما ذكروه من الشرط: وهو أن جنس الفعل أو جنس الحوادث بشرط كونها مسبوقة بالعدم - لم يزل ممكناً، فإنه يتضمن الجمع بين النقيضين أيضاً. فإن كون هذا لم يزل، يقتضي أنه لا بداية لإمكانه وأن إمكانه قديم أزلي. وكونه مسبوقاً بالعدم يقتضي أن له بداية، وأنه ليس بقديم أزلى. فصار قولهم مستلزماً أن الحوادث يجب أن يكون لها بداية، وأنه لا يجب أن يكون لها بداية.
وذلك لأنهم قدروا تقديراً ممتنعاً، والتقدير الممتنع قد يلزمه حكم ممتنع، كقوله تعالى:{لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}[سورة الأنبياء: ٢٢]
فإن قولهم: إمكان جنس الحوادث - بشرط كونها مسبوقة بالعدم - لا بداية له، مضمونة (١) : أن ما له بداية ليس له بداية، فإن المشروط بسبق العدم له بداية، وإن قدر أنه لا بداية له كان جمعاً بين النقيضين.
(١) وأيضاً فيقال: هذا تقدير لا حقيقة له في الخارج، فصار بمنزلة قول القائل: جنس الحوادث بشرط كونها ملحوقة بالعدم، هل لإمكانها نهاية؟ أم ليس
لإمكانها نهاية؟ فكما أن هذا يستلزم الجمع بين النقيضين في النهاية، فكذلك الأول يستلزم الجمع بين النقيضين في البداية.
(١) كذا في الأصل، والصحيح: مضمونه كما في طبعة بيروت (١/٤٠) .