نفي قيام الحوادث به مطلقاً، وهو غلط منهم، فإن نفي الخاص لا يستلزم نفى العام، ولا يجب إذا نفيت عنه النقائص والعيوب أن ينتفي عنه ما هو من صفات الكمال ونعوت الجلال]
ولكن يقوم به ما يشاؤه ويقدر عليه من كلامه وأفعاله ونحو ذلك مما دل عليه الكتاب والسنة.
ونحن نقول لمن أنكر قيام ذلك به: أتنكره لإنكارك قيام الصفة به كإنكار المعتزلة؟ أم تنكره لأن من قامت به الحوادث لم يخل منها ونحو ذلك مما يقوله الكلابية؟
فإن قال بالأول كان الكلام في أصل الصفات وفي كون الكلام قائماً بالمتكلم لا منفصلاً عنه كافياً في هذا الباب.
وإن كان الثاني قلنا لهؤلاء: أتجوزون حدوث الأحداث بلا سبب حادث أم لا؟ فإن جوزتم ذلك - وهو قولكم - لزم أن يفعل الحوادث من لم يكن فاعلاً لها ولا لضدها، فإذا جاز هذا [فلم] لا يجوز أن تقوم الحوادث بمن لم تكن قائمة به هي ولا ضدها؟
ومعلوم أن الفعل أعظم من القبول، فإذا جاز فعلها بلا سبب حادث فكذلك قيامها بالمحل.
فإن قلتم: القابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده.
قلنا: هذا ممنوع ولا دليل لكم عليه، [ثم إذا سلم ذلك فهو كقول القائل: القادر على الشيء لا يخلو عن فعله وفعل ضده، وأنتم تقولون: إنه لم يزل قادراً، ولم يكن فاعلاً ولا تاركاً، لأن الترك عندكم أمر وجودي مقدور،