وأئمة المسلمين من أهل البيت وغيرهم، كابن المبارك وأحمد بن حنبل والبخاري وعثمان بن سعيد الدارمي وغيرهم، وهو منقول عن جعفر ابن محمد الصادق في الأفعال المتعدية - فضلاً عن اللازمة - وهو دوام إحسانه، [وذلك قوله وقول المسلمين: يا قديم الإحسان، إن عنى بالقديم قائم به]
والفلاسفة الدهرية قالوا بقدم [الأفلاك وغيرها من] العالم، وأن الحوادث فيه لا إلى أول، وأن البارىء موجب بذاته للعالم ليس فاعلاً بمشيئته وقدرته ويتصرف بنفسه.
[ومعلوم بالاضطرار من دين الرسل أن الله تعالى خالق كل شيء، ولا يكون المخلوق إلا محدثاً، فمن جعل مع الله شيئاً قديماً بقدمه فقد علم مخالفته لما أخبرت به الرسل مع مخالفته لصريح لعقل]
وأنتم وافقتموهم على طائفة من باطلهم حيث قلتم: إنه لا يتصرف بنفسه، ولا يقوم به أمر يختاره ويقدر عليه، بل جعلتموه كالجماد الذي لا تصرف له ولا فعل، وهم جعلوه كالجماد الذي لزمه وعلق به ما لا يمكنه دفعه عنه ولا قدرة له على التصرف فيه، فوافقتموهم على بعض باطلهم.
ونحن قلنا بما يوافق العقل والنقل من كمال قدرته ومشيئته، وأنه قادر على الفعل بنفسه [وعلى التكلم بنفسه] كيف شاء ـ، وقلنا إنه لم يزل موصوفاً بصفات الكمال متكلماً إذا شاء، فلا نقول: إن كلامه مخلوق منفصل عنه.