القابل للشيء يخلو عنه وعن ضده، فلا يكون خطؤنا في إحدى المسألتين دليلاً على صوابكم في الأخرى التي خالفناكم فيها.
أكثر ما في هذا الباب [أنا نكون] متناقضين، والتناقض شامل لنا ولكم ولأكثر من تكلم في هذه المسألة ونظائرها. وإذا كنا متناقضين، فرجوعنا إلى قول نوافق [فيه] العقل والنقل أولى من رجوعنا إلى قول نخالف فيه العقل والنقل
فالقول بأن المتكلم يتكلم بكلام لا يتعلق بمشيئته وقدرته أو منفصل عنه لا يقوم به مخالف للعقل والنقل، بخلاف تكلمه بكلام يتعلق بمشيئته وقدرته قائم به فإن هذا لا يخالف لا عقلاً ولا نقلاً، لكن قد نكون [نحن] لم نقله بلوازمه فنكون متناقضين، وإذا كنا متناقضين كان الواجب أن نرجع عن القول الذي أخطأنا فيه لنوافق ما أصبنا فيه، ولا نرجع عن الصواب لنطرد الخطأ، فنحن نرجع عن تلك [المتناقضات] ونقول بقول أهل الحديث.
فإن قلتم: إثبات حادث بعد حادث لا إلى أول قول الفلاسفة الدهرية.
قلنا: بل قولكم: إن الرب تعالى لم يزل معطلاً لا يمكنه أن يتكلم بشيء ولا أن يفعل شيئاً، ثم صار يمكنه أن يتكلم وأن يفعل بلا حدوث سبب يقتضي ذلك قول مخالف لصريح العقل ولما عليه المسلمون، فإن المسلمين يعلمون أن الله لم يزل قادراً، وإثبات القدرة مع كون المقدور ممتنعاً غير ممكن جمع بين النقيضين، فكان فيما عليه المسلمون من أنه لم يزل قادراً ما يبين أنه لم يزل قادراً على الفعل والكلام بقدرته ومشيئته.
والقول بدوام كونه متكلماً ودوام كونه فاعلاً بمشيئته منقول عن السلف