للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُحكَم. ووضعهم "فَعِيلاً" في موضع "مَفْعِل" نحو: {عَذَابٌ أَلِيمٌ} ١ بمعنى مؤلم وتقول٢:

أمِنْ رَيحانَةَ الداعي السميعُ

بمعنى: مسْمِع.

ومن ذلك وضعُهم: "مفعولاً" بمعنى "فاعل" كقوله جل ثناؤه: {عَذَابٌ أَلِيم} ٣ أي ساتراً، وقيل: مستوراً عن العيون كأنّه أُخْذَةٌ لا يُحِسُّ بها أحد.

ومن ذلك إقامة الفعل مقام الحال كقوله جلّ ثناؤه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ} ٤ أي مبتغياً. وقال٥:

الرِّيحُ تَبكي شَجْوَهُ ... والبرقُ يَلمعُ في غمامهْ

أراد: لامعاً.

باب من النظم الذي جاء في القرآن:

من نظم كتاب الله جلّ ثناؤه الاقتصاص, وهو أن يكون كلام في سورة مقتصاً من كلام في سورة أخرى أو في السورة معها. كقوله جلّ ثناؤه: {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} ٦ والآخرة دار ثواب لا عمل، وهو مقْتَصُّ عن قوله: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا} ٧. ومنه قوله جلّ ثناؤه: {وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} ٨ مأخوذ من قوله


١ سورة التغابن، الآية: ٥. وسورة المجادلة، الآية: ٤.
٢ ديوان عمرو بن معد يكرب: ١٤٠، وعجزه:
يؤرقني وأصحابي هجوع
٣ سورة الإسراء، الآية: ٤٥.
٤ سورة التحريم، الآية: ١.
٥ هو ابن مفرغ الحميري، ديوانه: ٢١٨. وفيه:
... تبكي شجوها ... والبرق يضحك في الغمامه
٦ سورة البقرة، الآية: ١٣٠.
٧ سورة طه، الآية: ٧٥.
٨ سورة الصافات، الآية: ٥٧.

<<  <   >  >>