للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واقْلَوْلَيْنَ فوقَ المضاجِع

وقرأ ابنُ عباس: "إلا أنه تَثْنَوْنِي صدورُهم" على هذا الذي قلناه من المبالغة.

باب الخصائص:

للعرب كلام بألفاظ تختص به مَعانٍ لا يجوز نقلها إلى غيرها، يكون في الخير والشرّ والحَسَن وغيره, وفي الليل والنهار, وغير ذلك. من ذَلِكَ قولهم: "مَكانَكَ" قال أهلُ العلم: هي كلمة وُضِعتْ على الوعيد، قال الله جل ثناؤه: {مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ} ١ كأنّه قيل لهم: انتظِروا مكانَكم حتى يُفْصَل بينكم.

ومن ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم:٢ "مَا حَمَلَكم على أن تَتابعوا في الكذِب كما يَتَتَابُع الفَراشُ في النار" , قال أبو عبيدة: هو التهافت، ولم نسمعه إلا في الشرّ. ومن ذلك "أولى له" وقد فسّرناه. ومن ذلك: "ظَلَّ فلان يفعل كذا" إذا فعله نهارًا. و"بات يفعل كذا" إذا فعله ليلاً.

ومن ذلك ما أخبرني به أبو الحسن علي بن إبراهيم قال: سمعت أبا العباس المبرّد يقول: "التَّأويب" سيرُ النهار لا تعريج فيه و"الإسآد" سيرُ الليل لا تعريس فيه. ومن الباب "جُعلوا أحاديث" أي: مُثِلَ بهم، ولا يقال في الخير. ومنه: {لَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} ٣.

ومن الخصائص في الأفعال قولهم: "ظننتني. وحسِبتُني. وخِلْتني" لا يقال إلا فيما فيه أدنى شك، ولا يقال: "ضَرَبتني".

ولا يكون "التَّأْبين" إلا مدحَ الرجل ميتاً. ويقال: "غضبتُ به" إذا كان ميتًا. و"المساعاة" الزِّنا بالإماء خاصة. و"الراكب" راكب البعير خاصة. و"ألج الجمل" و"خلأت الناقة" و"حرن الفرس" و"نفشت الغنم" ليلا و"هملت" نهارًا.


١ سورة يونس، الآية: ٢٨.
٢ رواه أحمد في مسنده: ٦/ ٤٥٤.
٣ سورة البقرة، الآية: ١٩٣.

<<  <   >  >>