للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنزل الله جلّ ثناؤه من الكتاب العربي العزيز. وهذا عندنا هو الوجه، لأنه لو كَانَ من القطع لكان كلُّ من قُطع إِلَى الإسلام من الجاهلية مخضرماً، والأمر بخلاف هَذَا.

ومن الأسماء الَّتِي كَانَتْ فزالت بزوال معانيها قولهم١: المِرباع، والنَّشِيطة، والفضول، وَلَمْ نذكر الصَّفِيّ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَدْ اصطفى فِي بعض غزواته وخُصَّ بذلك، وزال اسم الصَّفِي لما توفي رسول الله -صلى الله عَلَيْهِ وسلم.

ومما تُرك أيضاً٢: الأتاوة، والمَكْسَ، والحُلْوان. وكذلك قولهم: إِنْعَم صباحاً، وانْعم ظلاماً. وقولهم للملك: أبَيْتَ اللَّعن. وتُرك أيضاً قول المملوك لمالكه: ربّي. وَقَدْ كانوا يخاطبون ملوكهم بالأَرباب قال الشاعر٣:

وأَسْلَمْنَ فِيهَا رَ بَّ كِنْدَةَ وابنَهُ ... ورَبَّ معدٍّ بَيْنَ خَبْتٍ وعَرعَر

وتُرك أيضاً تسميةُ من لَمْ يَحُجَّ "صَرورَةً". فحدثنا علي بن إبراهيم عن علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد فِي حديث الأعمش عن عمرو بن مُرة عن أبي عبيدة عن أبي موسى قال: قال رسول الله -صلى الله عَلَيْهِ وسلم: $"لا صَرُورَة فِي الإسلام"٤ ومعنى ذَلِكَ فيما يقال: هو الَّذِي يَدَعُ النكاح تَبَتُّلاً٥. حدثني علي بن أحمد بن الصَّبَّاح قال: سمعت ابن دُريْد يقول: أصل الصَّرُورة أن الرجل فِي الجاهلية كَانَ إِذَا أحدث حدثاً فلجأ إِلَى الحرم لَمْ يُهَجْ وَكَانَ إِذَا لقيه وليّ الدم فِي الحرم قيل: هو صَرورَة فلا تهجه. ثُمَّ كثر ذَلِكَ فِي كلامهم حَتَّى جعلوا المتعبّد الَّذِي يجتنب النساء


١ المرباع: الربعة: الرجل بين الطول والقصر. والمرباع: المكان ينبت نبته في أول الربيع. والنشيطة في الغنيمة: ما أصاب الرئيس قبل أن يصير إلى بيضة القوم. والنشيطة من الإبل: التي تؤخذ فتساق من غير أن يعمد لها. وحلف الفضول: هو أن هاشمًا وزهرة وتيمًا دخلوا على عبد الله بن جدعان، فتحالفوا بينهم على دفع الظلم وأخذ الحق من الظالم، سمي بذلك لأنهم تحالفوا أن لا يتركوا عند أحد فضلا أحدًا، إلا أخذوه له منه.
٢ الإتاوة: الخراج، والرشوة. والمكس في البيع: جباية المال. والمكس: النقص والظلم، ودراهم كانت تؤخذ من بائعي السلع في الأسواق في الجاهلية. والحلوان: أجرة الدلال والكاهن، ومهر المرأة، أو ما أعطي من نحو رشوة.
٣ هو لبيد بن ربيعة، ديوانه: ٧١، وفيه: وأهلكن يومًا. والخبت: موضع سهل بالحرة، أو موضع بين مكة والمدينة، وعرعر: موضع في بلاد هذيل، أو واد قرب عرفة.
٤ رواه أبو داود: مناسك ٣، وأحمد: ١/ ٣١٢.
٥ التبتل: الانقطاع إلى الله والإخلاص له، أو ترك النكاح والزهد فيه.

<<  <   >  >>