للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وطيبَ الطعام: صرورة وصرورياً، وذلك عَنَى النابغة بقوله١:

صَرورَةٍ متعبّد................

أي منقبض عن النساء. فلما جاء الله جَل ثناؤه بالإسلام وأوجب إقامة الحدود بمكة وغيرها سمّي الَّذِي لَمْ يَحُجَّ "صَرورة" خلافاً لأمر الجاهلية، كَأَنَّهم جعلوا أن تركة الحجَّ فِي الإسلام كترك المُتَألِّه٢ إِتيانَ النساء والتنعّم فِي الجاهلية.

ومما تُرك أيضاً قولهم: الإبل تُساق فِي الصَّداق النَّوافِج. عَلَى أن من العرب من كَانَ يكره ذَلِكَ. قال شاعرهم٤:

وَلَيْسَ تِلادِي من وِراثة والدي ... ولا شانَ مالي مُستفادُ النوافِجِ

وكانوا يقولون: "تَهْنِكَ النافِجةُ" مع الَّذِي ذكرنا من كراهة ذوي أقدارهم لَهَا وللعقول. قال جَنْدَلُ الطُّهَوِيّ٥:

وَمَا فَكَّ رِق ذاتُ خَلْق خَبَرْنَجِ٦ ... ولا شانَ مالي صدقَةٌ وعقولُ

ولكن نماني كلُّ أبيضَ صارِمٍ٧ ... فأصبحتُ أدري اليومَ كَيْفَ أقولُ

ومما كُره فِي الإسلام من الألفاظ قول القائل: "خَبُثَت نفسي" قال رسول الله -صلى الله عَلَيْهِ وسلم: "لا يقولَنَّ أحدُكم خَبُثتْ نفسي" ٨.

وكُرِه أيضاً أن يقال: استأثَر الله بفلان.

ومما كرهه العلماء قول من قال: سُنة أبي بكر وعمر، إنما يقال: فَرْضُ الله


١ ديوانه: ١٤٩. وتمام البيت -وهو في وصف المتجردة:
أو أنها عرضت لأشمط راهب ... عبد الإله ضرورة متعبد
٢ المتأله: المتعبد.
٣ النوافج: جمع النافجة: البنت لأنها تعظم مال أبيها بمهرها.
٤ البيت في أساس البلاغة مادة "نفج" دون عزو، وفي الحيوان: ١/ ٣٣٤ دون عزو.
٥ هو ابن المثنى الطهوي، شاعر راجز من تميم مات سنة ٩٠هـ.
٦ الخلق الخبرنج: الخلق الحسن.
٧ الأبيض الصارم، أي: السيف.
٨ رواه البخاري: أدب١٠، ومسلم: ألفاظ ١٧، وأبو داود: أدب ٧٦، وأحمد: ٦/ ٥١، ٦٦، ٢٠٩، ٢٣١، ٢٨١.

<<  <   >  >>