للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتدخل فِي أول الاسم للتشبيه فتخفض الاسم. نحو: "زيد كالأسد" وأهل العربية يقيمونها مقام الاسم ويجعلون لَهَا محلاً من الإعراب، ولذلك يقولون: "مررت بِكالأسد" أرادوا بمثل الأسد. وانشدوا١:

عَلَى كالخنيف السَّحق يدعو بِهِ الصدى ... لَهُ قلُبٌ عادِيَّةٌ وصُحونُ

فأما الكاف فِي قوله جل ثناؤه: {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} ٢ فقال البصريون: هَذِهِ الكاف زائدة، زيدت لمعنى المخاطَبة. قال محمد بن زيد: وكذلك رُوَيْدكَ زيداً. قال: والدليل عَلَى ذَلِكَ أنّك إذَا قلت أرأيتَكَ زيداً? فإنما هي أرأيت زيداً? لأن الكاف لَوْ كَانَتْ اسماً لاستحال أن تُعدى "أرأيت" إِلَى مفعولين إِلاَّ والثاني هو الأول. يريد قولهم "أرأيتَ زيداً قائماً?" لا يتعدى "رأيتَ" إلى مفعولين إِلاَّ إِلَى مفعول هو "زيد" ومفعول آخر هو "قائم" فالأول هو الثاني. قال: و"أرأيتَك زيداً?" الثاني غير الكاف، قال: وإن أردت رؤية العين لَمْ يتعدّ إِلاَّ إِلَى مفعول واحد. قال: ومع ذَلِكَ إن فعل الرجل لا يتعدى إِلَى نفسه فيتصل ضميراً إِلاَّ فِي باب "ظَنَنْت" و"عَلِمْت". فأمّا ضربتُني وضَرَبْتَك فلا يكون. وكذلك إذَا قلت: "رُوَيْدَكَ زيداً" إنما يُراد "أَروِدْ زيداً" قال الزجّاج: الكاف فِي هَذَا المكان لا موضع لَهَا لأنها ذكرت فِي المخاطبة توكيداً. وموضع هَذَا نصب بـ"أرأيتَك?". وقال الكوفيون: إن محلّ هَذِهِ الكاف الرفع إذَا قلنا "لولاك" فهي فِي موضع رفع. ثُمَّ نقول: "لولا أنتَ" وإنما صَلَح هَذَا لأن الصورة فِي مثل هَذَا صورة واحدة فِي الرفع والنصب والخفض.

وتكون الكاف دالة عَلَى البعد. تقول: "ذا" فإذا بُعد قلت "ذَاكَ".

وتكون الكاف زائدة كقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ٣.

وتكون للعجب نحو: "مَا رأيت كاليوم ولا جِلْدَ مخبأة".


١ لسان العرب مادة "خنف". الخنيف: أراد الكتان، والطريق. السحق: الثوب البالي.
٢ سورة الإسراء، الأية: ٦٢.
٣ سورة الشورى، الآية: ١١.

<<  <   >  >>