للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دراس الشعر الجاهلي لم يكن من أهدافه ما نحن بصدده، بل كانت له أهداف أخرى.

يذهب الدكتور إبراهيم عبد الرحمن في دراسة له إلى قصور النقد القديم في جوانب أهمها: إنه قصر في فهم شعرنا القديم في سياقه الأدبي ودلالاته الحضارة١.

وتقول بنت الشاطئ محددة منهجها: "أريد أن أستخلص لأدبنا العربي قيمًا جديدة نابعة من تراثنا الأصيل, دون التزام بالقيم وبالأحكام التي ذهب إليها من نظروا في هذا التراث بذوق عصرهم، وحكموا عليه بعقلية زمانهم, وقوموه بموازين بيئاتهم ومجتمعهم ... "٢.

ويرى صلاح عبد الصبور أن مقياس دراسة الشعر تقدير النفس والحياة، ولذا فقد قصرت معظم الدراسات التراثية لعدم تعمقها لهذا الغرض الجوهري٣.

أما الدكتور كمال أبو ديب فيرى أن القراءة السائدة للشعر الجاهلي قراءة صلة تفقده التحليل، بل تفقده خصيصة الشعر الأولي، وهي كونه تجسيدًا لاستجابة إنسانية، ورؤيا للعالم جماعية وفردية في آنٍ واحد٤.

ولا نريد أن نسترسل في إيراد آراء الباحثين؛ لأن من عرضنا لهم يمثلون اتجاهات مختلفة، وكلهم أجمعوا على قصور النقد القديم عن سبر أغوار الشعر الجاهلي، أو لنقل: إن ذلك لم يكن من أهدافهم لأسباب معلنة، وأخرى غير معلنة.

ولم يتوقف رفضهم لمنهج القدماء في نقد الشعر الجاهلي وتحليله, بل رفض بعضهم أيضًا منهج المستشرقين في دارسات الشعر الجاهلي، وقد سقنا بعضه في حديثنا عن جهود المستشرقين.

وبالرغم من تلك الدراسات الكثيرة حول الأدب الجاهلي بعامّة والشعر


١ من أصول الشعر العربي القديم، مجلة فصول، مجلد٤، عدد٢، "١٩٨٤"، ص٢٤-٤١.
٢ قيم جديدة للأدب العربي القديم والمعاصر، معهد الدراسات والبحوث العربية ١٩٦٦، ص١٤.
٣ قراءة جديدة لشعرنا القديم، بيروت، دار النجاح، ١٩٧٣، المقدمة.
٤ من الفصل السادس من كتاب يصدر عن المؤسسة العامة للكتاب بمصر، ١٩٨٦.

<<  <   >  >>