للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- مرحلة الصنعة والاحتراف, أو احتراف الشعر: ويمثلها زهير وأوس وبشامة الغدير وكعب والحطيئة والنابغة والأعشى.

٣- مرحلة الجمو: ويمثلها لبيد.

ويحاول الدكتور بهي الدين زيان١ أن يرصد عوامل التطور قبل أن يتحدث عن التطور نفسه، فيرد هذا التطور إلى العوامل التالية: طبيعة الحياة الاجتماعية، وشخصية الشاعر ومكانته في المجتمع، والمؤثرات الفكرية والثقافية التي استهدفت تغيير الحياة في المجتمع, وينتقل بعد ذلك ليتحدث عن مجالات التطور، فيراها أولًا في تطور لغة هذا الشعر، وفي وسائل البيان، وأوزان الشعر، وفي القصيدة الجاهلية نفسها، وفي موضوعات الشعر، وتطور الاتجاهات الفنية عند بعض الشعراء، والاتجاهات الموضوعية عند الآخرين.

وعندما يحاول تقييم هذا التطور فإنه يقرر أنَّ الشعر قد قطع مرحلة طويلة في تطوره، ومن ثَمَّ فإن القصائد الطويلة التي ترجع إلى حوالي مائة وخمسين سنة قبل الإسلام، ليست إلّا تطورًا أخيرًا أو صورة كاملة لهذا الشعر، وإن الشعر الجاهلي أقدم وأبعد زمنًا من تاريخ هذه القصائد.

وهكذا فإن خلاصة رأيه هي أن مظاهر هذا التطور تشمل: اللغة، وصور التعبير، والشكل، والمضمون، والاتجاهات.

٨- هل العرب بدائيون؟ وهذا التساؤل مثير للجدل والاستغراب، وقلَّمَا خلا بحث في الشعر الجاهلي من ذكر هذه القضية, بل نجد الباحث نفسه يتحدث في اتجاهين متضادين، يصف العرب بالبدائيين ليصل إلى نتيجة تمكنه من تطبيق منهجٍ ما على شعرهم، وفي الوقت نفسه ينفي عنهم التهمة عندما يحاول أن يبين خصائص ذلك الشعر, ولعلنا لا نعدو الحقيقة إذا قلنا أن الملابسات التالية قد أحاطت بالقضية فألبستها ثوبًا من الغموض، وحتى لا نطيل نكتفي بسردها هنا وهي:

١- تأثر واضح بالمستشرقين ومناهجهم حينما بحثوا في أولية الشعر عدوا العرب في جاهليتهم بدائيين، وقاسوا عليهم الأحكام نفسها التي قاسوها وطبقوها على


١ الشعر الجاهلي، تطوره وخصائصه الفنية، دار المعارف، ١٩٨٢، ص٧-٥٢.

<<  <   >  >>