الشعوب البدائية والقبائل الإفريقية البدائية، كربطهم الهجاء والرثاء بالطقوس السحرية أو الدينية.
٢- الخط بين البداوة والبدائية, وهما لفظتان مختلفتان معنًى على الأقل.
٣- الغموض الذي اكتنف حياتهم الدينية في الجاهلية.
٤- الغموض الذي اكتنف حياتهم الثقافية أيضًا.
٥- خلطوا بين فترتين مَرَّ بهما العرب قبل الإسلام، الجاهلية الأولى والجاهلية الثانية, أو العرب البائدة، وعرب قبيل الإسلام، ونسوا أن الشعر الذي ندرسه ينتمي إلى فترة قبيل الإسلام، ومما دعا جويدي المستشرق وغيره إلى القول بأن الشعر الذي ندرسه ينبئ عن أنه ثمرة صناعة طويلة.
٦- رغب بعض الدراسين في دراسة الشعر الجاهلي دراسة أسطورية, ووجدوا أن الأسطورة مما يخص الأمم البدائية، فذهبوا إلى نسبة العرب إلى الأمم البدائية.
وصفوة القول في هذه القضية أن العرب في جاهليتهم التي بين أيدينا شعرها أو بعضه لم تكن بدائية, لأن ما وردنا من فكرها وجدلها مع المسلمين ومعتقداتها وحضارتها ينفي ذلك، بل إن الجاهلية الأولى كانت معاصرة لحضارات وادي النيل وما بين النهرين وغيرهما، ولم تكن بدائية بالمصطلح المتعارف عليه. وإذًا فنستطيع الاطمئنان إلى أنَّ جاهلية قبيل الإسلام وأهلها قد تجاوزوا الحياة البدائية بجوها الأسطوري منذ آماد طويلة١، وإذا كانت أساطير وظَّفها الشعراء الجاهليون في شعرهم, فإنما انحدرت إليهم من أسلافهم، أو من أمم أخرى وثقافات أخرى أثَّرت فيهم وتاثروا بها.
٩- أثر الحضارة الأجنبية في الشعر الجاهلي: ويمكن أن نقول أيضًا عن هذه القضية "ثقافة الشاعر" أو "البنية الثقافية", وهي قضية كثر فيها القول وتضارب، فالمتعصبون للجنس العربي يرفضون الاعتراف بأي تأثر بالحضارات الأجنبية، وهم ممتدون على مدى عصور الأمة العربية، فقد رفضوا قول من قال أن القرآن الكريم تضمن ألفاظًا غير عربية دخلت العربية قبل الإسلام، بل كفَّروا القائل، وهم يرون في هذا التأثر نقيصة وسبَّة وعارًا. وفي المحدثين نسمع أصواتًا
١ هذا الرأي الأخير ذهب إليه الدكتور عبد العزيز الأهواني في "حركات التجديد في الأدب العربي" مصر، ١٩٧٩، ص١٠.