للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- المستوى الثاني: إشاري، يتمثّل في هذه العلاقات الروحية التي كانوا يقيمونها, أو يرونها بين هذه الحيوانات والنباتات وغيرها على الأرض وبين عالم النجوم في السماء.

٣- المستوى الثالث: ذلك الوجود الأدبي في شعر الجاهليين، وقد اتخذ نزعة تصويرية غالبة.

وقد اتخذت هذه الزعة التصويرية لعالم الكواكب الميثولوجي في الشعر مظهرين واضحين:

الأول: لوحات متكاملة في وصف الطلل، والظعائن، والرحلة على الناقة، وصراع الحيوان والطير، وهي لوحات تضج بالحركة والحياة والصراع، وينبت من خلالها فيها هذه العقائد الميثولوجية.

ومن أبرز هذه اللوحات وأخطرها لوحة الطلل، ولوحة الظعائن، ولوحة الصيد.

والثاني: الصور الجزئية التي يؤلفها الشعراء عادة من التشبيهات، وأحيانًا من الاستعارات والكنايات، يصفون فيها جمال المرأة وصفًا مفصلًا وغامضًا، أو يشخِّصون قوة الفرس والناقة، وسرعة الظبي والظليم والحمار الوحشي، وإلى غير ذلك من صور الحيوان والطير والنبات التي حققت وجودًا فنيًّا رائعًا له أصوله ورموزه الميثولوجية والإنسانية المبثوثة فيه.

ويقرر أننا نجد تطابقًا ماديًّا كاملًا بين صور الشعر الجاهلي القصصية على وجه الخصوص، وبين عالم الكوكب في صورته الجغرافية التي انطبقت في أذهان الجاهليين عنه.

وهكذا فإن فهم الشعر الجاهلي لا يتأتّى، في نظره إلّا بفهم طبيعة الأسلوب التصويري فهمًا لغويًّا صحيحًا، وتحليل صوره المركَّزة، ولوحاته المركبة، تحليلًا يكشف أولًا عن أصولها الميثولوجية والشعبية التي نبعت منها، ويبرز ثانيًا تلك العلاقات الخفية التي كان الشاعر يقيمها بين عناصر الصورة، وبين مواقفه أو فلسفته في الحياة وظواهرها المتناقضة في بيئته.

١- يشكل الحديث عن المرأة العنصر الأصلي الذي تأتلف حوله وتخرج منه بقية

<<  <   >  >>