خاصة المرأة تصور علاقة أسطورية قديمة بين المرأة والحرب.
٥- لكن الباحث يعترف بأن ليس كل تصوير شعراء ما قبل الإسلام للمرأة مقصورًا على صور المرأة المثال، فهناك صورة المرأة الواقعية, وهي القينة أو المغنية أو المهجوّة من نساء الأعداء ... إلخ, ولكن المرأة الغالبة -كما يرى- هي المرأة المثال.
٦- الحيوان من بين الصور المهمة لمعبودات الإنسان القديم، فهو إما طوطم الجماعة وحدّها الأعلى، وإما معبودها الممثَّل والرمز للإله السماوي: الكوكب الذي تتوجه إليه الجماعة في صلواتها, والباحث يتناول من الحيوان الثور الوحشي وهو رمز الإله القمر، والحمار الوحشي، والظليم.
٧- يرى أن ارتباط الرجل -المثال- بالقمر, شكل من أشكال التقديس التي يخلعها الذهن البدائي على العظماء، فلقد عبدت الملوك والأبطال في الديانات القديمة نتيجة وضعهم المتميز في المجتمع، لذا فقط شبه الممدوح بالبدر، وإن موقف الرجل المثال في الحرب -البطل، وهو الرمز لصورة الإله "ود" المحارب, أما الرجل المثال في السلم فهو الكريم، ولذا فإن شعر المديح يربط بين صورة الرجل المثال وبين صورتي القمر والثور الوحشي المقدستين، ويأتي هذا الربط في حالة السلم بصفة الكرم, وفي حالة الحرب بصفة البطولة، وهما صفتان ملازمتان للمدح في الشعر الجاهلي.
وأما الباحث الرابع الذي نرى أنه يسلك هذا المنهج ولو جزئيًّا الدكتور مصطفى ناصف في كتابه "قراءة ثانية لشعرنا القديم"١, وخلاصة رأيه في النقد العربي القديم أنه أحسَّ بشدة بنقاء الأدب العربي، وحرص على تشخيصه جيلًا بعد جيل، فقد شخَّصه برسم الصورة المثلى للغة العربية ممثَّلة في القرآن الكريم، وثانيًا: بإصراره على أن الأدب العربي صورة ناضجة كاملة النضج قبل اتصال الثقافة العربية بغيرها من الثقافات.
وفي معرض حديثه عن النهضة الثقافية في العصر الجاهلي رأى أنها لم تدرس بعد دراسة كافية، وإن فكرة شعب عربي لم تكن من الأفكار البعيدة عن
١ صدر عن الجامعة الليبية، ١٩٧٥م، وصدرت طبعة ثانية عن دار الأندلس، بيروت ١٩٧٧، وطبعة ثالثة عن الدار نفسها ١٩٨١م.